"دحنيزوس
"في ابتسامتها تلتقي العصافير و يحكى انه ذات مرة ابتسمت و كان عصفوران يجالسانها
، فجأة تغيرت الوانهما الداكنة الى الوان فاتحة صفراء و حمراء و خضراء و زرقاء الا
السواد فقد غادرهما الى الابد . كتب احد مساعديها الذي كان مهمته ارشفة وتدوين ماتنجزه
عنوانا لمقاله " les inseparables
" ، نظرت اليه الالهة و قالت :" يا كاتبي ... ماهذا العنوان الفرنكفوني ؟"
، ابتسم الاخير و قال :" في مراجعة هذا المقال سنوجد عنوانا او اسما عربيا لا
تقلق هذه تفاصيل ..."
"دحنيزوس"
الهة النور و الضياء ، كانت تسمى بالنهار و يذكر انه منذ ان اوجدت للحياة ، كان الاكسيجين
كمعادلة التصقت بالنهار وضوئه و بعثت الحياة في الشجر و الزهور و في الحيوانات و في
زمن متأخر الانسان .
-
صباح الخير " بادرت حوّاء بمخاطبة دحنوس حين كانت تمر بها و هي تنظر للشمس في
بزوغها ، لم ترد نظرت اليها ثم تغافلت عنها
-
مابك ماخطبك لم اعهدك هكذا ؟
-
حوّاء افكارك اصبحت اعهدها ليست كالسابق و منذ اصبحت تجتمعين و تقيمين تحت تلك الشجرة
الاكسيجين معادلته الرياضية ارتبكت
سكتت حواء برهة و اكملت مشيتها في اتجاه الشجرة . الشمس ضياؤها في تصاعد مستمرّ ، كان فصل الربيع
و كانت الشمس مكتملة الدائرة ، قريبة من كوكب " الدحانيس" ، عمّ الاكسيجين
، اخذت نفسها كعادتها تملؤ به عينيها حتى تتضح لها الرؤية .
لم تكن كعادتها ، كانت معادلة الاكسيجين تقلقها فهي
مضطربة لم تتمكن من قرائتها جيدا و لكن ماذا تغيّر ، الضياء يكتمل في صفائه و الهواء
منعش كانه يمرّ بماء المحيطات و البحيرات و الجداول التي سيجالسها نرسيس يوما ما و
ستكتب الالة اساطير عن صفاء الماء في تلك اللحظات .
لم تدرك انه كان قريبا منها اغمضت عينيها و همست
:
-
" ضياء عينيك يقتحم اوردتي يخالج الروح ، ضياءك عينيك يخالج الروح و يعيدني اكسيجينا
،ضياء عينيك هو الضياء "
اقترب منها جاورها و مرّر اصابعه فوق شعرها ، قبّلها
على جبينها و همس :
-
" كل النسائم حين تمرّ بين خصلاتك شعرك تترك اصواتها في اذني نقائش تخليدية تقدس
الحب والحياة " .
رياح الاكسيجين تواتر عزفها ، وقفت من صلاتها للضياء
و الشمس ، فتحت يديها و اخذت نفسها العميق ، ابتسمت عينيها ، استدارت نحوه ، تقدمت
، خطوتها الاولى و الثانية و الثالثة ، اغمضت عينيها رفعت رأسها نحو السماء و احتضنته
و همت له :
-
" اششش " .
احتوى الالهتين مشهد لم يصاحبه الا الاكسيجين و الضياء
، ارتفعت وتيرة الصمت في كل البقاع . هيجان الاكسيجين بعث الماء و في السماء رسمت سحب
اختلطت باشعة الشمس بان قوس قزح و لمعت الاحجار في وميض لامتناهي الجمال نبتت الزهور
و معها نبتت كائنات انسانية تحتفل بالصورة في خلود جمالها و في الوهية انبعاثها ظهر
كيروزاوا و تبعه لارس ترايير ثم أورسون ويلز و عبد الله يحيى و ستانلاي كوبريك و بوران
درخشنده و فرشته طائر بور و مريام شهريار و تهمينة ميلاني و جعفر باناهي و سميرة ماخمالباف
. تعددت الشخوص ، مواليد يتكاثرون ، كهّان معبد الصورة و اكسيجين الضياء .
كانت حوّاء في تلك الاثناء تحت شجرتها ترقب نموّها
المتسارع ، الاكسيجين و نور الشمس الساطع وقطرات الماء تبعهم ميلاد ثمرات خضراء تميل للاحمرار ، شكلهم دائري ّ . تذكرت حوّاء
وصايا دحنوس انّ الجسد في جغرافيا الضياء غذاؤه اكسيجين وضوء ، تواترت الى ذهنها الفكرة
ان تدعو احد اصدقائها ذاك الذي يشابهها في جسدها ، في تكوينه ، و ان تدعوه لان يذوق
هذه الثمار المغرية .
الافكار تتسارع في مخيلة حوّاء ... ارتعشت
"دحنيزوس" ، تراخت يديها ، جفّ دفؤها فجأة ، علمت ان هناك خطبا ما ، تذكرت
في سرعة بديهتها انها حوّاء . تركته و مضت تسابق الاكسيجين الذي يعم المكان حتى وصلت
عند الشجرة .
-
حوّاء اين انت ؟ ماذا تخططين ؟ هل لازلت افكار العالم الدنيوي تنتابك ؟
-
نعم
تداخلت الافكار في مخيلة "دحنيزوس" ، مشت
تقدمت بسرعة كبيرة ، خفق قلبها ومضت عيناها ، تراجعت تاخرت فكرت ثم امتنعت عن التفكير
اعادت تكرار مسار حياتها راجعت صوره و ضياؤه راجعت معادلة الاكسيجين و الضياء و الربيع
و الشخوص الانسانية التي نبتت ... صور تمر سريعا من هنا وهناك تحاصرها وتتركها ثم تحاصرها
و تحيطها ثم تبتعد ثم تقترب ثم تتراخى ثم تجادلها ثم تنبؤها و تقرئها و تحاصرها و تتركها
و تنتابها و تحيّرها و تميّزها .الضياء ... عيناهما... الحلم ... السفر ... علامات
تركها كهّان الصورة و الضياء ، لم تكن تعلم انهم تركوا اثرا ما .
-
سيدتي مابك
-
اه ايها الكاتب لم الاقيك منذ كتبت ذاك العنوان الفرنكفوني هل عرّبته و ابتسمت ؟
-
اللغة واحدة سيدتي كتبته باسمك مفهوما جديدا
-
وماهو
-
" الدحنوسات"
-
صحّيتك باهي الاسم
ذات صباح لم تباشر صلوات الضياء كعادتها ، اعدّت
حقيبتها ، وضعت فيها جواز السفر و بعض الكتب و الة التصوير الفوتغرافي ، لم تكن متابعة
لماحدث لحوّاء و صديقها فقد تذوقوا تلك الثمار الدائرية التي نبتت فجأة و دخلوا في
سباق زمن مجتمع الفرجة ، نادته في همسها الذي يسري كنسائم العطر في صباحا ت الربيع
، ابتسمت كان ضياء عينيه يهديهما الى طريق جغرافيته اخرى و مختلفة. كاطفال المدارس ايادي متشابكة و خطوات متتابعة و
طريق واحد .
و سافروا ...
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire